حديث الخمسين صلاة في رحلة المعراج

ما صحة حديث الخمسين صلاة في رحلة المعراج؟، لقد فرض سبحانه على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أول ما فرض من الصلاة لدى معراجه- عليه الصلاة والسلام- خمسين صلاة، فهل تساءلنا ما الحكمة من ذكر الحديث بأن الله قد فرض خمسين صلاة ثم أعفانا منها؟ في اعتقادي- والله أعلم- أنه سبحانه فرض ذلك وهو يعلم أحوالنا وأنه لا طاقة لنا بذلك، فلو أننا نصلي في اليوم خمسين صلاة، واليوم أربع وعشرين ساعة فستكون صلاة كل نصف ساعة من الزمن، ولو حذفنا من الأربع والعشرين ساعة ست ساعات للنوم، فستكون صلاة كل ثلث ساعة تقريبًا، وما دام الرجل يصلي في المسجد فإنه سيجد نفسه لا يستطيع مفارقته لتقارب أوقات الصلاة، وستجد المرأة نفسها على مصلاها لا تفارقه إلا لتعود إليه، فأين متطلبات الحياة وأين مسؤولياتها والزاماتها؟. وفي السطور الآتية سنوضح لكم مغزى حديث الخمسين صلاة في رحلة المعراج.

قد يهمك: قصور الجنة وخيامها

حديث الخمسين صلاة في رحلة المعراج

في حديث الخمسين صلاة في رحلة المعراج يتسائل الأفراد ما مغزى فرضها ثم ذكر إعفائنا منها وقصرها على خمس؟، إنها لم تذكر هكذا جزافًا، وتعالى الله سبحانه عن ذلك، فهو سبحانه الحكيم في أقواله وأفعاله، إن الحكمة الظاهرة- والله أعلم- أن يبين لعباده أنه لم يخلقهم في هذه الدنيا إلا لعبادته، فافترض شيئًا منها وحبب في الاستزادة قدر المستطاع، فالحديث إذًن يدل على الآتي:

  1. التأكيد على الهدف الذي خلقنا من أجله وهو العبادة.
  2. بيان فضل الصلاة المفروضة على غيرها، واستحباب الإكثار منها نافلة، ومن جميع العبادات بحسب الاستطاعة.
  3. بيان رحمته سبحانه بعباده ومضاعفة أجر الصلوات الخمس إلى خمسين صلاة.

اتضح لنا في حديث الخمسين صلاة في رحلة المعراج أن الأصل في خلق الخلق هو العبادة، وأعني بالعبادة، العبادة المحضة الخالصة لله، لكن بما أن الله عز وجل قد خلقنا بشرًا ولم يخلقنا ملائكة، فإننا إذن لن نستطيع العبادة أربعًا وعشرين ساعة في اليوم، فللبشر طاقات وقدرات محدودة ولهم متطلبات تقتضيها طبيعتهم البشرية لا بد لهم منها، فمن ذلك:

  1. متطلب بدني: من مأكل ومشرب وراحة للبدن ( فإن لجسدك عليك حقا ).
  2. متطلب اجتماعي: القيام على أمور الأهل والأولاد ورعايتهم وصلة الأرحام وما إلى ذلك: ( إن لزوجك عليك حقا )، ( إن لولدك عليك حقا ).
  3. متطلب مالي: ومنه السعي في طلب الرزق لاستيفاء الاحتياجات الأساسية من طعام وشراب وملبس ومسكن.
  4. متطلب ديني: وهو الفروض والواجبات المطلوبة من المسلم شرعًا، والتي نستطيع أن نسميها ( الحد الأدنى للعبادة ) إن صح التعبير.

كما أن هناك حدً أعلى لا يعتبر من المتطلبات وهو مبني على الوسع والطاقة بحسب الضوابط الشرعية، فلا يستطيع العبد مهما بلغ من العبادة، أن يتعبد بأكثر مما حدد له في الشرع، فلا يستطيع أن يصوم الدهر مثلًا، أو أن يصلي في أوقات النهي إلا بشروط، أو في حال الجنابة أو الحيض أو النفاس للمرأة، ولا يسعه شرعًا أن يوصي بأكثر من ثلث ماله.

قد يهمك: تعامل الرسول مع زوجاته

صحة حديث تخفيف الصلاة

في حديث الخمسين صلاة في رحلة المعراج نفهم من ذلك أنآداء المتطلبات الدنيوية على وجهها الصحيح بدون إفراط ولا تفريط سوف يتحول إلى عبادة، ما دامت النية فيها ابتغاء وجه الله باستيفاء الحاجة البشرية التي لابد منها وصرف النفس بها عن محارم الله للتفرغ للعبادة بنشاط، بما في ذلك شهوة الفم والفرج، فقد قال صلى الله عليه وسلم ( وفي بضع أحدكم صدقة ), وقال ( ولست بنافق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرك الله بها، حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك ). ولابد بعد ذلك من تخصيص الوقت المتبقي بعد هذه المتطلبات للتفرغ للعبادة الحقة كالصلاة النافلة وقراءة القرآن والصيام والذكر وما إلى ذلك من الطاعات التي خلقنا الله عز وجل لكي نقيمها قال تعالى: (ومَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ). وقال (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ).

وأخيرًا نكون قد انتهينا من شرح ما المراد به في حديث الخمسين صلاة في رحلة المعراج، وحتى تكون حياتنا كلها عبادة لله لابد من إخلاص النية لله في جميع الأعمال الدينية والدنيوية، وتحقيق المتطلبات بدون إسراف.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

تواصل معنا
Hello
Can we help you?