الاغترار بالطاعة

إن الاغترار بالطاعة من الأمور السيئة التي تجلب للإنسان الفقر في الآخرة فيجد جبال الحسنات التي كانت تنتظره تنسف ولا يحصل منها على حسنة واحدة بسبب رياءه فيها وفرحه بها إلى حد الغرور وكأن لا أحد جاء بمثل ما جاء، ومن الواجب علينا أن ننظر إلى سيئاتنا قبل أن ننظر إلى أعمالنا الطيبة حتى لا نغتر بها ونتعالى بها على الخلق، لأن كل إنسان خطاء وقد يكون خطأ له في الماضي لا يزال لم يغفر بعد أو نسي أن يستغفر منه، وقد يكون هناك ذنوب كبيرة قد فعلها والأحق أن يندم عليها بدلًا من الإعجاب بطاعته لله، وكل شئ يعلمه الله ولو كان مثقال حبة في السماء أو الأرض لذلك لا يجب أن نتحدث عما نفعل ونترك كل شئ لله هو يمحصه ويعلم ما تخفي الصدور فلا أحد يعلم ما هو مصيره، وقد قال تعالى (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ). وفيم يلي سنذكر لكم أسباب الاغترار بالطاعة وعلاجه.

قد يهمك: عقوبة الكبائر في الدنيا

الاغترار بالطاعة

إن الاغترار بالطاعة تكلم عنها نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حين قال (لو لم تذنبوا، لخشيت عليكم ما هو أكبر منه العُجْب )، وهذا دليل على أن العجب من الأمور الخطيرة على إيمان المؤمن فمن أحس بغروره في الدين لابد أن يراجع نفسه لأنه قد يكون سببًا في عدم قبول طاعته، ولابد على الإنسان أن يفكر في ذنوبه لأنها الطريق الوحيد الذي يصحح عليه أفكاره ويجعله يتمعن في قبائح ومنكرات أفعاله حتى يتوقف عن العجب ويعلم أن هناك أمور سرية أخفاها الله عن الناس كي لا يرونها فيه وهذا هو الستر، فعلى العبد ألا يتبجح ويعلم أن لله فضل كبير عليه فيطيع الله ما استطاع ويرجو من الله قبول أعماله بدون أي اغترار.

علاج الاغترار بالطاعة

حتى تعالج هذه الخصلة الذميمة ألا وهي الاغترار بالطاعة لابد أن تقرأ هذه الآية الكريمة، قال تعالى: (والَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ( . وتفسير هذه الآية أن المؤمنين الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم والصابرين في البأساء والضراء والمنفقين في سبيل الله والذين يصلون الصلاة على وقتها حين يقومون بفعل هذه الطاعات لله عز وجل لا تطوع لهم أنفسهم الغرور بل يشعرون أنهم لازالوا مقصرين ويكونوا في خوف ورجاء يخشون أن تنقلب أعمالهم هباءً ولا تقبل عند الله، ويرجون رحمة الله وأن يتقبل الله منهم صالح الأعمال فحال المؤمن دائمًا يكون بين شيئين وهما: ( الخوف، والرجاء ). ولا يجب أن يبقى المؤمن خائفًا فقط ويتذكر العذاب وينسى قول الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا). كما لا يجب أن يظل يمني نفسه بالأماني وينسى أن عمل واحد سئ قد يكون فيه هلاكه ويقربه من النار، لذلك يجب أن ندعوا الله بهذا الدعاء دائمًا (اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل ).

قد يهمك: أحكام الصيام ومبطلاته

أسباب الاغترار بالطاعة

قد يكون من أسباب الاغترار بالطاعة هو حب المديح ويجب أن يفرق الإنسان بين أن يحب المديح في أمر من أمور الدنيا التي لا تجعله يدخل في بند الرياء، وبين أن يمدح على حسنة فعلها لآخرته، فالطاعة لابد أن تكون خالصة لله وإذا كان هناك شركاء فيها غير الله جل وعلا أصبح هذا الأمر من موجبات العقاب، لأن الله لا يكافئ المؤمن إلا على كل فعل صالح ابتغى به وجه ربه الكريم. فلا يصح أن تقول أفعل هذا لكي يحبني الله ويحبني الناس، لأنه يجب أن تكون في غنى عن هؤلاء الناس لا ترجو منهم التودد أو الذم، فالحب بيد الله يقذفه في القلوب فإذا كنت تستحق حب الله فسيكون أكيدًا حب الناس لك، لأن الله إذا أحب عبدًا من عباده أمر ملائكته وأهل السماء بأن يحبوا هذا العبد، وأمر أهل الأرض بأن يحبوه. وعمومًا مهما عمل الإنسان فهذا ليس الثمن الحقيقي للجنة وهذه الطاعة قليلة جدًا ولكن برحمة من الله وفضل سيدخل الموحدون بالله الجنة، وهذا ما ظهر في قول الرسول أنه لن يدخل الجنة أحد بعمله.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

تواصل معنا
Hello
Can we help you?